لا حياة مع الحرب والاضطرابات والفوضى.. حقيقةٌ تدفع الغيورين على مجتمعاتهم إلى التفكير والبحث عن أفضل وأنجع الوسائل والطرق لحماية أمنها القومي المركب وتعزيز قيم السلم وحب الحياة.
ولأن صور الاضطرابات والفوضى في عالمنا العربي متعددةٌ وكثيرة، كان لزاما وواجبا على قادته المتنورين أن يُـخضعوا واقعَهم للتشخيص والعلاج، فاتخذ كلُّ واحدٍ منهم مسلكا إصلاحيا من أجل سد الثغرات على جميع المستويات مع التركيز على الجانب الأمني في علاقته بالاقتصاد والثقافة والإعلام.
نجح كثيرٌ من القادة العرب في فرض رؤى لها أثر إيجابي على المجتمع العربي برمته فانطفأت بعضُ الحروب وخفت ضجيجُ الفوضى وقلّت مشاهد الدمار والعبث.
ولكي يستمر هذا الإنجازُ الاستراتيجي، ينبغي سلوكُ مسالك متعددة للبناء على ما تم تحقيقه في هذا المضمار الصعب؛ مضمار إعادة بناء الإنسان العربي بقيمه الأصيلة النبيلة المتمثلة في التسامح وحب الآخر والانتصار للحياة.
ولأن أبواب تكريس واقع أفضلَ كثيرةٌ والطرق الموصلة إلى شاطئ الأمان متعددة، أرى أن بابين كبيرين لو تم إعطاؤهما ما يستحقان من الاهتمام والتركيز لكانا كفيلين بتغيير الواقع وتحقيق الهدف المرجو.
الباب الأول: التربية والتعليم
إن أساس كل قناعة خاطئة هو تربية أو تعليم خاطئ. هذه حقيقة يؤدي الجهلُ بها إلى كوارث لا تحمد عقباها. فكل ما نراه من فوضى وضياع وتيه ورؤى وأعمال خاطئة مدمرة إنما هي نتاج لتربية وتعليم خاطئين أو ثمرة ثقافة فيروسية دخيلة لم تنجح دفاعات التربية والتعليم في التصدي لضرباتها القاتلة.
إذن العناية بالتعليم والتربية منذ السنوات الأولى من عمر الطفل كفيلة ببناء النموذج الصالح يقدر الآخرين ويحترمهم من خلال تقدير ذاته والاعتزاز بها وتنميتها بالقيم الرفيعة البانية التي لا تنفصل عن تربية النشء على الثقافة الدينية الصحيحة ومبادئ الفكر المتنور الخلاق.
الباب الثاني: الإعلام
إن نتاج التعليم الخاطئ وأثره لا يجدان أرضا خصبة للنمو والانتشار إلا في الإعلام غير المضبوط على إيقاع التنمية الاستراتيجية الشاملة. إذ أن كل المشاكل التي يتخبط فيها عالمنا العربي كان وراءها إعلامٌ يسندها ويرفدها بمقومات الحياة والامتداد والتأثير. وإغفال هذه الحقيقة عادة ما تكون له عواقب وخيمة على الأمن الاجتماعي والروحي للمجتمعات، ويؤدي إلى تكريس فوضى الإعلام وتشويه وجه الحياة.
هذان بابان من أبواب بناء المجتمع العربي المتسامح بعيدا عن كل مظاهر الفوضى والاضطراب التي تهدم ولا تبني، وتؤخر ولا تقدم، أرجو أن ينالا ما يستحقان من العناية والاهتمام.